بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين, و بعد:
تعتبر حالات "التسمم الغذائي" من الحالات المرضية الشائعة، بين المُقيمين وبين المسافرين. والمضاعفات الصحية لحالات التسمم تلك يُمكن أن تكون مزعجة أو مؤذية بشكل قد يصل إلى تهديد سلامة الحياة أو سلامة عدة أعضاء في الجسم.
* الأعراض :
الغثيان والرغبة في القيء,القي, إسهال, ألم في البطن, تقلصات مُؤلمة في المعدة, فقد الشهية للأكل, الشعور بالإعياء والتعب, ارتفاع حرارة الجسم.
وقد يبدأ الشعور بأي من هذه الأعراض خلال ساعات من تناول الطعام الملوث، أو بعد بضعة أيام من ذلك. والاعتلال الصحي، نتيجة "التسمم الغذائي" قد يستمر بالعموم لمدة تتراوح ما بين يوم وعشرة أيام.
* أسباب متعددة
* الأطعمة التي نتناولها عُرضة للتلوث بالميكروبات أو بالمواد الكيميائية الضارة، في أي نقطة من الإنتاج إلى حين تجهيزها كلقمة للابتلاع، أي إما في مرحلة النمو للمُنتج الحيواني أو النباتي أو البحري. أو في مرحلة القطاف للمنتجات النباتية، أو الذبح للمنتجات الحيوانية، أو الصيد للمنتجات البحرية. أو في مرحلة عملية الإعداد للمستهلك طازجة، أو مرحلة الحفظ بأنواعها، كالتعليب أو التجميد أو التبريد، أو في مراحل النقل من مكان الإنتاج إلى مكان الاستهلاك، أو في مراحل الإعداد لتقديمها للتناول المباشر، كالطهي والوضع في الآنية..
تعتبر الميكروبات السبب المهم والأكثر شيوعاً لحالات "التسمم الغذائي". والميكروبات أنواع، تشمل الفيروسات والبكتيريا والفطريات والطفيليات والديدان. وكلها قد تكون السبب في التلويث الميكروبي للأطعمة.
* عوامل خطورة
* هناك عدة عوامل وراء تأثر البعض بدرجات متفاوتة بتناول أطعمة ملوثة بالميكروبات أو المواد الكيميائية. ولذا نلحظ أحياناً أن مجموعة من الناس تتناول نفس الطعام الملوث، ولكن يختلف تأثرهم وشدة الأعراض التي قد يشكون منها، لدرجة أن بعضهم قد يُعاني بشكل كبير، وبعضهم الآخر لا يشكو من شيء. وعدم شكوى البعض، ممن تناولوا نفس الطعام، لا يعني البتة أن الطعام كان نقياً وخالياً من الميكروبات التي تضرر منها أشخاص آخرين تناولوا نفس الطعام، بل من السذاجة التفكير بتلك الطريقة.
والواقع أن البعض قد يكون تناول أجزاء من الطعام ملوثة بشكل أكبر بالميكروبات من أجزاء أخرى تناولها أشخاص آخرون شاركوهم في التناول من نفس الصنف. وقد يكون البعض تناول كميات أكبر من الميكروبات مقارنة بمن تناول القليل منها. كما أن لمقدار العمر والحالة الصحية الأساسية للشخص تأثير في الموضوع. ومجموعات الناس الأكثر عرضة للمعاناة من تسمم الغذاء تشمل:
- كبار السن.
- صغار السن والرُضّع.
- المراءة الحامل.
- الاصابة بالأمراض المزمنة. مثل مرض السكري أو فشل الكبد أو فشل الكلى أو ضعف القلب...
* فحوصات طبية
* وغالباً ما يتم تشخيص حصول "تسمم غذائي"، وتوقع سببه المباشر بشكل تقريبي، بمراجعة إجابات الأسئلة التي يطرحها الطبيب حول ملابسات الحالة. وهي أسئلة تشمل محاولة معرفة منذ متى بدأ الشعور بالمشكلة، ونوعية ودرجة شدة الأعراض والمظاهر المرضية على المُصاب، ونوعية الأطعمة التي تناولها الشخص، والتي يُشتبه بتسببها بالحالة.
وبناءً على المُعطيات التي يجدها الطبيب، بسؤال الطبيب للمريض وفحصه له، قد يلجأ الطبيب إلى طلب بعض الفحوصات الطبية، مثل تحليل الدم وعينة من البراز. والغاية من تحاليل الدم تحديد مدى الارتفاع أو الانخفاض في خلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية ونسبة هيموغلوبين الدم، إضافة إلى تحديد مؤشرات وظائف الكلى والكبد. وبالفحص الميكروسكوبي لعينة من البراز، وإجراء زراعة لها، قد يتم تشخيص نوعية الميكروبات المتسببة بالحالة. وربما يتطلب الأمر تكرار فحص عينة البراز وزراعتها. وفي كثير من الأحيان لا تتوصل تلك الفحوصات إلى معرفة السبب الميكروبي بدقة، وخاصة حينما يكون السبب أحد الفيروسات.
وأحد أهم مضاعفات "التسمم الغذائي" ومظاهره المرضية، وخاصة القيء والإسهال، هو الجفاف.
* المعالجة الدوائية
* وثمة عاملان يتحكمان في نوعية العلاج الدوائي لحالات الإسهال، وهما نوع الميكروب المتسبب بحالة "التسمم الغذائي"، ومستوى الأعراض والمظاهر المرضية للحالة.
ولغالبية الحالات، تكون المعالجة دونما الحاجة لتناول أي أدوية، عبر تعويض الجسم بالسوائل والأملاح وتجنب تناول الأطعمة المثيرة للإسهال أو القيء.
وهناك حالات تتطلب تناول أحد المضادات الحيوية، والتي أفضلها "سيبروفولكساسين". وذلك حينما يكون ثمة ارتفاع في درجة حرارة الجسم أو انخفاض في ضغط الدم مع ارتفاع نبض القلب أو خروج دم مع البراز، أو عزل البكتيريا المتسببة بالحالة في نتائج زراعة عينة البراز أو الدم.
* خطوات للوقاية من «التسمم الغذائي»
هناك أطعمة معينة، تحتاج إلى عناية خاصة، في مراحل إعدادها وحفظها ونقلها، قبل تناولها من قبل الناس.
- اللحوم بأنواعها، كالحيوانات البرية والدواجن.
- اللحوم الباردة واللحوم المعلبّة.
- الأسماك والحيوانات البحرية، وخاصة النيئة منها. مثل أنواع المحار الصدفي.
- البيض، والأطعمة المحتوية عليه.
- الحليب غير المُبستر ومشتقات الألبان المصنوعة منه. وكذلك أنواع من الأجبان.
- أنواع الجذور من الخضار، كالفجل أو الشمندر أو الجزر. أو أنواع الخضار الورقية الملتفة، كالخس أو الملفوف، وخاصة جزء "الكُفت" منها، أي الأوراق في قلب لبّها. - أنواع عصير الفواكه، وخاصة التي يتم إعدادها بشكل يدوي.
- المايونيز والمعاجين الغذائية للشطائر (السندوتشات). والخطوات المهمة، والواجب مراعاتها، حال التعامل مع إعداد الأطعمة، تشمل:
- غسل اليدين جيداً، بالماء والصابون، و كذا الاطباق و أدوات الطهي الأخرى
- إبقاء الأطعمة النيئة في منأى عن الاختلاط المباشر بالخضار أو الفواكه التي سيتم تناولها طازجة.
- طهي الأطعمة بحرارة كافية للقضاء على الميكروبات.
- حفظ الأطعمة السهلة التلف والعطب، في الثلاجة أو الفريزر، وبطريقة سريعة. أي خلال ساعتين من إعدادها في الأجواء الباردة، وخلال أقل من ساعة إذا ما كانت درجة حرارة الجو تتجاوز ثلاثين درجة مئوية. والأطعمة التي لن يتم تناولها خلال يومين، يجب وضعها في المجمدة (الفريزر) بدلاً من الثلاجة.
-تذويب الأطعمة المتجمدة، كاللحوم وغيرها، لا يكون بوضعها خارج الفريزر وفي درجة حرارة المطبخ، بل يجب تدفئتها تدريجاً إما في الثلاجة نفسها أو في جهاز الميكروويف، أو ببساطة عبر وضعها في ماء بارد.
- عند الشك في سلامة طعام ما، تخلّص منه مباشرة ولا تدع أي فرصة لأحد في تناوله. وهنا لا يجب تذوق الطعام لمعرفة مدى سلامته، حتى لو كان مظهره ورائحته طبيعية، بل تخلّص منه مباشرة.
* وسائل علاج منزلية لحالات «التسمم الغذائي»
* غالباً ما تتحسن حالة «التسمم الغذائي» خلال يومين من الإصابة، عند تعويض الجسم بالسوائل والأملاح وإتباع الإرشادات التالية:
> امنح معدتك نوعاً من الراحة.
> التدرج في تناول الطعام. وذلك بتناول القليل من الأطعمة السهلة الهضم كقطع من الموز، أو الأرز الأبيض المطبوخ بقليل جداً من الدهن، أو البطاطا المسلوقة.
> تجنب بعض أنواع الأطعمة، حتى شعورك بأنك أصبحت بحالة جيدة. مثل مشتقات الألبان والحليب كامل الدسم، المشروبات المحتوية على الكافيين، الأطعمة الدسمة بأنواعها، أو الأطعمة المُضاف إليها توابل أو فلفل حار.
> خذ قسطاً كافياً من الراحة البدنية.
> تجنب تناول أدوية "وقف الإسهال" التي قد تبطء تخلص الجسم من البكتيريا والمواد الكيميائية المتسببة.
"منقول بتصرف"